علم البيانات:  علم العثور على معنى

علم البيانات: علم العثور على معنى

علم البيانات بكلمات بسيطة هو اكتشاف أنماط أو قواعد مفهومة وذات معنى من بيانات معينة. أو بمعنى فلسفي بحت؛ هو علم العثور على المعنى من اللامعنى والشيء من اللاشيء!

 

بعيداً عن الفلسفة، يمكن النظر لعلم البيانات على أنّه أداة، كأي أداة يمكن تسخيرها بهدف استعمالها في مجال أو تخصص معين بطريقة فعّالة وهادفة. وبشكل علمي، هو منهج يمكن استخدامه في عدّة تخصصات، حيث أنّه يُستعمل لإستخراج المعرفة والأفكار من البيانات المنظمة وغير المنظمة عن طريق أساليب علمية وخوارزميات وأنظمة تختلف حسب المجال التي تُستخدم فيه. على سبيل المثال، في عالم الأعمال والأموال، يمكن استخدام علم البيانات للمساعدة في خفض التكاليف، والعثور على أسواق جديدة، واتخاذ قرارات أفضل.


الفرق بين علم البيانات وعلم المعلومات:
عند مقارنة البيانات بالمعلومات، فإن المقارنة تشبه مقارنة المحيط بالبحر. البيانات هي المحيط في هذه الحالة والبحر هو المعلومات، أو بمنظور آخر، البيانات هي الشكل "الخام" أو الأولي من المعلومات.

يعرّف علم المعلومات على أنه: المجال المختص بتحليل المعلومات وجمعها وتصنيفها ومعالجتها واستخدامها وتخزينها واستعادتها ونشرها وحمايتها. لذا عند النظر للعلمين بشكل تحليلي ومنطقي؛ يمكن الاستنتاج أن علم المعلومات هو بمثابة الخطوة الثانية بعد تحقيق الهدف الرئيسي لعلم البيانات، ألا وهو إيجاد معنى واكتشاف قواعد وأنماط من هذه البيانات، و"المعنى" هو المعلومة التي سيتم وضعها تحت مجهر علم المعلومات.

الاستخدامات الأكثر شيوعاً لعلم البيانات:

السحر الذي يكمن خلف العلوم بكافة أنواعها، هو المرحلة التي يتم فيها تحويل جميع الحقائق الجامدة والنظريات والرموز والكلمات، إلى تطبيقات واقعية وملموسة ومفيدة. في القسم القادم من المقالة، سوف يتم تسليط الضوء على أهم تطبيقات علم البيانات في المجالات المختلفة. ومنها:

1- علم البيانات في إدارة المخاطر والتقليل منها:

قبل سنوات عديدة، كانت أول استخدامات علم البيانات - من قبل الشركات والبنوك - هو الحد من الديون والخسائر السنوية. حيث قاموا بجمع البيانات بمساعدة علماء متخصصين في علم البيانات لفرض عقوبات وقيود على القروض. وعلى مر السنين، تمّكنت الشركات المصرفية بتقسيم البيانات بناءً على عمليات تعريف العملاء، والنفقات السابقة ومتغيرات أخرى لتحليل احتمالات المخاطرة. علاوة على ذلك، ساعد علم لبيانات أيضاً على رفع الإنتاجية من خلال زيادة القوة الشرائية للعملاء.

2- علم البيانات في الرعاية الصحية:
من أهم المجالات التي يجب الاستمرار بالعثور على أدوات لتحسينها وتطويرها؛ هو مجال الرعاية الصحية. لذا وبعد جهود من المختصين في هذا المجال وعلماء علم البيانات؛ تم التّوصل إلى حلول وتطبيقات ذكية في مجالات متعددة ومنها: إكتشاف أدوية جديدة وتطوير الأدوية الحالية، والمساعدة في التشخيص الطبي، والاستخدام في علم الوراثة والجينات، وإيجاد حلول للتقليل من تكاليف الرعاية الصحية، والمساعدة في تطوير برامج وتطبيقات إفتراضية لتحل محل الإجراءات الطبية الروتينية، والوقاية من الأمراض، والكثير من التطبيقات الأخرى التي نقلت مجال الرعاية الصحية نقلة نوعية في جميع أنحاء العالم.


3- علم البيانات في بحث الإنترنت:
يعتبر جوجل محرك البحث الوحيد من وجهة نظر معظم الأفراد، ولكن هناك الكثير من محركات البحث الأخرى مثل؛ ياهو وبينج وغيرها، التي تستخدم خوارزميات علم البيانات لإظهار نتائج البحث بسرعة فائقة لا تتجاوز أجزاء من الثانية، مع المحافظة على دقّة هذه النتائج.

4- علم البيانات في التّعرّف المرئي والصوتي:
المطابقة المرئية والصوتية هي استخدام البرامج والذكاء الاصطناعي للتعرُّف على الصور والمقاطع المرئية والصوتية وتحليلها والعثور على مُطابِتها. على سبيل المثال، قام جوجل بتسخير علم البيانات في خاصية "البحث عن طريق الصور"، بينما قام برنامج WhatsApp Web باستخدام علم البيانات في خاصية مسح "الباركود" من خلال كاميرا الهاتف الذكي، للتمكّن من استخدام البرنامج عن طريق متصفح الانترنت على سطح المكتب. أما بالنسبة لتطبيقات علم البيانات في التعرّف الصوتي، فمن أهمها: Siri من شركة أبل، Google Voice، و كورتاناوكورتانا من شركة Microsoft، و أمازون إيكو من شركة أمازون. جميعها تقوم بتقديم المعلومات والخدمات من خلال خاصية التّعرّف على الصوت.

5- علم البيانات في الألعاب الإلكترونية:
صناعة ألعاب الفيديو في صعود مستمر مع وصول عدد اللاعبين في أنحاء العالم لملياري لاعب! مما يجعلها من أكثر الصناعات المربحة. وهنا يأتي دور علم البيانات ليكون عاملاً  مهماً في صناعة الألعاب وتصميمها وتطويرها وحتى في الحماية من عمليات الإحتيال التي قد تحصل في هذا المجال. ومن أكثر الأمور إثارة في تطبيقات علم البيانات هو استخدامه في عملية تطوير الألعاب الإلكترونية، وذلك يشمل فكرة اللعبة بأكملها ووظائفها وتصميمها، مما يجعل لعلم البيانات دوراً مهماً في إبقاء اللاعب مندمجاً في اللعبة قدر الإمكان، لتزيد القيمة الترفيهية للعبة.

مستقبل علم البيانات:
يبدو أن الأفق واسع ومشرق لعلم البيانات باعتباره واحد من أكثر المجالات الوظيفية فرصاً. حيث تعتبر وظيفة "عالم بيانات" ومشتقاتها، من أكثر الوظائف المرغوبة في مختلف الصناعات خلال السنوات الأخيرة. 

يعكس زيادة الطلب على الوظائف المتعلقة بعلم البيانات الإهتمام المتزايد عليه وأهميته في كافة المجالات، مما لا يدع مجالاً للشك أنه سوف يستمر بالتقدم لدرجة قد تمكّنه من إحداث ثورة صناعية خامسة في عالم التقنية والأعمال في السنوات القادمة - إذا تمّ استخدامه بالطريقة المثلى.